من البداية إلى البرمجة الكائنية C++

🔹 المقدمة:

تُعتبر لغة ++C من أقوى اللغات البرمجية وأكثرها عمقًا، فهي تمثل الجسر الذي يربط بين البرمجة التقليدية والبرمجة الكائنية الحديثة.
إنها اللغة التي تجمع بين الأداء العالي والقرب من العتاد مثل لغة C، وبين مفاهيم البرمجة الكائنية (OOP) التي تُستخدم اليوم في تطوير معظم البرمجيات المتقدمة.
في هذا المقال، سننطلق معًا من الأساسيات الأولى للغة ++C، حتى نصل إلى فهم البرمجة الكائنية فيها خطوة بخطوة، لنرسم طريقًا واضحًا نحو احترافها.

🔹 أولاً: بداية الرحلة مع ++C

ظهرت لغة ++C في أوائل الثمانينيات على يد بيارن ستروستروب في مختبرات Bell Labs، وكان الهدف منها هو تطوير لغة C بإضافة ميزات جديدة تسمح بكتابة برامج أكثر تنظيمًا وسهولة في الصيانة.
أُطلق عليها في البداية اسم “C with Classes“، أي “C مع الفئات”، لأن فكرة الكائنات (Objects) كانت النواة التي بُنيت عليها. ومع مرور الوقت تم اعتماد الاسم الحالي “C++”، في إشارة إلى معامل الزيادة في لغة C، بمعنى “C المطوّرة”.

منذ ذلك الوقت وحتى اليوم، أصبحت ++C اللغة الأساسية في تطوير أنظمة التشغيل، محركات الألعاب، البرامج الهندسية، والأنظمة المضمنة.

🔹 ثانياً: الأساسيات التي يجب فهمها أولاً

قبل الدخول في عالم الكائنات، لازم المبرمج يكون فاهم الأساسيات التي تبنى عليها لغة ++C، مثل:

1. المتغيرات وأنواع البيانات (Data Types):
   وهي الركيزة الأساسية لتخزين البيانات، مثل:

   int age = 25;
float price = 19.99;
string name = "Ahmed";


2. التراكيب الشرطية (if – else) والحلقات (loops):
   للتحكم في سير البرنامج واتخاذ القرارات.

   if (age > 18) {
cout << "You are an adult.";
} else {
cout << "You are a minor.";
}


3. الدوال (Functions):
   وهي طريقة لتقسيم الكود إلى أجزاء صغيرة قابلة لإعادة الاستخدام.

   int add(int a, int b) {
return a + b;
}


4. المصفوفات (Arrays) والمؤشرات (Pointers):
   لتخزين بيانات متعددة والتحكم المباشر في الذاكرة.

هذه المفاهيم تمثل الأساس الذي تُبنى عليه البرمجة الكائنية لاحقًا.

🔹 ثالثاً: مفهوم البرمجة الكائنية (OOP)

البرمجة الكائنية أو Object-Oriented Programming هي طريقة تفكير جديدة في تصميم البرامج، تقوم على تمثيل كل عنصر في البرنامج على أنه كائن (Object) له صفات (Attributes) ووظائف (Methods).

الفكرة ببساطة هي أنك لا تتعامل مع بيانات متفرقة ودوال منفصلة، بل تبني نموذجًا يحاكي الواقع.
مثلًا: لو أردت تصميم برنامج يدير السيارات، يمكنك إنشاء كائن اسمه Car يحتوي على صفات مثل اللون والموديل والسرعة، ودوال مثل start() و stop().

🔹 رابعاً: المكونات الأساسية للبرمجة الكائنية في ++C

البرمجة الكائنية تعتمد على أربع ركائز رئيسية، وكل ركيزة منها تمثل جزءًا من فلسفة التنظيم في ++C:

1. التغليف (Encapsulation):
   هو تجميع البيانات والدوال التي تتعامل معها داخل كائن واحد.
   والهدف منه حماية البيانات من التعديل العشوائي عبر استخدام private وpublic.
   مثال:

   class Car {
private:
int speed;
public:
void setSpeed(int s) { speed = s; }
int getSpeed() { return speed; }
};


2. الوراثة (Inheritance):
   تسمح بإنشاء فئة جديدة ترث خصائص وسلوكيات فئة أخرى، لتوفير الوقت وتقليل التكرار.

   class Vehicle {
public:
void move() { cout << "Vehicle is moving\n"; }
};
class Car : public Vehicle {
public:
void honk() { cout << "Car horn!\n"; }
};


3. التعدد الشكلي (Polymorphism):
   يسمح باستدعاء نفس الدالة في كائنات مختلفة لتؤدي وظائف مختلفة.

   class Shape {
public:
virtual void draw() { cout << "Drawing shape\n"; }
};
class Circle : public Shape {
public:
void draw() override { cout << "Drawing circle\n"; }
};


4. التجريد (Abstraction):
   يعني إخفاء التفاصيل الداخلية والاكتفاء بعرض الواجهة التي يحتاجها المستخدم فقط.
   ويتم ذلك غالبًا عبر الفئات المجردة (Abstract Classes) أو الواجهات (Interfaces).

🔹 خامساً: الفرق بين البرمجة الإجرائية والكائنية

قبل ظهور البرمجة الكائنية، كانت البرامج تُكتب بأسلوب إجرائي (Procedural)، أي أنها تعتمد على مجموعة من الدوال التي تنفذ تعليمات بالتتابع.
لكن هذا الأسلوب كان يسبب مشاكل عند التعامل مع المشاريع الضخمة، لأن الكود يصبح معقدًا وصعب الصيانة.

البرمجة الكائنية جاءت لتُحل هذه المشكلة عبر تنظيم الكود في كائنات مستقلة، بحيث يمكن تطوير وصيانة كل جزء بسهولة دون التأثير على الأجزاء الأخرى.

🔹 سادساً: فوائد استخدام البرمجة الكائنية في ++C

• إعادة الاستخدام (Reusability):
  يمكنك استخدام نفس الكود في مشاريع أخرى بسهولة.

• المرونة (Flexibility):
  يسهل تطوير المشروع دون الحاجة إلى إعادة كتابة كل شيء من الصفر.

• الصيانة (Maintainability):
  تقسيم الكود إلى كائنات يجعل تتبع الأخطاء أسهل بكثير.

• التوسع (Scalability):
  يسهل إضافة ميزات جديدة دون الإضرار بالكود القديم.

• الأمان (Security):
  بفضل التغليف، يمكن إخفاء البيانات الحساسة من المستخدمين الآخرين داخل البرنامج.

🔹 سابعاً: كيف تبدأ في تعلم البرمجة الكائنية في ++C

1. ابدأ بفهم الأساسيات جيدًا:
   مثل المتغيرات، المؤشرات، الدوال، والمصفوفات.

2. انتقل بعدها إلى مفهوم الفئات (Classes):
   وتعلم كيف تُنشئ كائنات وتمثل العلاقات بينها.

3. تدرّب على مشاريع صغيرة:
   مثل إنشاء برنامج لإدارة مكتبة أو نظام بسيط للطلاب.

4. استخدم الـ IDE المناسب:
   مثل Visual Studio أو Code::Blocks لتجربة الأكواد بسهولة.

5. اقرأ وثائق ++C الرسمية:
   واطلع على التحديثات في إصدارات C++11 وC++17 وC++20.

🔹 ثامناً: البرمجة الكائنية في العالم الواقعي

في الشركات الكبرى، تُستخدم ++C لتطوير:

• أنظمة تشغيل مثل Windows وmacOS.

• محركات ألعاب مثل Unreal Engine.

• برامج هندسية مثل SolidWorks وAutoCAD.

• أنظمة Embedded للتحكم في الأجهزة.

البرمجة الكائنية هي ما يجعل هذه المشاريع قابلة للتطوير، لأن كل جزء في النظام يُبنى على كائنات مستقلة يمكن تعديلها أو استبدالها دون الإضرار بباقي النظام.

🔹 الخاتمة:

من البداية وحتى البرمجة الكائنية، تظل لغة ++C مدرسة في التفكير المنظم والبرمجة العميقة.
فهي تُعلم المبرمج كيف يُنشئ الأنظمة بطريقة ذكية، وكيف يتعامل مع الذاكرة، وكيف يكتب كودًا سريعًا وفعالًا ومنظمًا.
الانتقال من كتابة الأكواد البسيطة إلى تصميم كائنات متكاملة هو النقلة الحقيقية من “مجرد كاتب كود” إلى “مهندس برمجيات”.
فإذا كنت تتقن ++C من بدايتها إلى كائنيتها، فاعلم أنك تمتلك مفاتيح البرمجة الحقيقية في يدك. 🔥💻

جمل كتاب من البداية إلى البرمجة الكائنية C++